في محاضرة بمكتبة الإسكندرية
بعض آيات القرآن ترجمت إبان عهد الرسول وترجمات المسلمين ظهرت بعد ثمانية قرون من جهود المستشرقين

تاريخ النشر

الإسكندرية— ألقى الدكتور أحمد زكي حماد، الأستاذ بكلية اللغات والترجمة، جامعة الأزهر، محاضرة بمكتبة الإسكندرية عن "ترجمة معاني القرآن: الأصول والقواعد"، ضمن فعاليات الموسم الثقافي الذي ينظمه مركز المخطوطات التابع للمكتبة.

تحدث الدكتور حماد في بداية المحاضرة حول تجربته في الاستقرار في الغرب لسنوات طويلة، وقال أنه يرى أن القواسم المشتركة بين الحضارتين الإسلامية والغربية كثيرة جداً وتسمو فوق الخلافات الموجودة حاليًا، شرط أن يتخلى الطرفان عن ثلاثة أشياء، هي: خلق الاستعلاء على الآخرين، ونظرة الاستهزاء، وعقدة التنابذ بين الحضارات.

تطرق الدكتور حماد بعد ذلك إلى صلب موضوع المحاضرة، حيث أكد على أن القرآن يعد أكثر الكتب قراءة في العالم، وهو وثيقة حيّة وهامة للغاية، كما أنه رسالة عالمية لجميع البشر. وفي مفاجأة أثارت انتباه الحضور، نوّه إلى أن بعض آيات القرآن ترجمت في عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم- فالصحابة حين هاجروا إلى الحبشة كي يتجنبوا أذى قريش، وجاء عمرو بن العاص لاسترجاعهم من النجاشي، ملك الحبشة، قرأ جعفر بن أبي طالب على النجاشي أول 40 آية من سورة "مريم". وبما أن النجاشي لم يكن يعرف العربية، فقد طلب ترجمة تلك الآيات، وهو ما تم بالفعل.

وأضاف أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- كان يترجم الآيات التي يوردها في رسائله إلى الملوك والحكام الأعاجم، إلا أن جهود المسلمين في ترجمة القرآن بدأت متأخرة للغاية في أوائل القرن العشرين، وتحديداً عام 1905، ولم يكن دافعها سوى الرد على طعون المستشرقين، وليس بيان معاني القرآن لغير المتحدثين بالعربية، مشيراً إلى أن على المسلمين واجب تبيان معاني القرآن لكل إنسان ولكل لسان.

وضرب سيادته مثلاً على تحريف في معاني القرآن قام به اليهودي أهارون بن شمش عام 1979، حيث أشار في ترجمته لإحدى الآيات إلى أن المسجد الأقصى يبعد عشرة أميال عن مكة المكرمة في مكان يسمى الجعرانة، وهو ما ينافي الواقع، إذ أن المسجد الأقصى يوجد في مدينة القدس بدولة فلسطين.

وفي سياق متصل، تحدث سيادته عن تجربته الشخصية في إصدار ترجمة للقرآن الكريم بالإنجليزية، حيث أشار إلى أن أول شيء استرعى انتباهه أثناء تحضيره لرسالة الدكتوراه في جامعة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، أن معظم الترجمات التي اطلع عليها لآيات القرآن الكريم، والتي قام بها مسلمون، لم تكن دقيقة.

ومن هنا، بدأت فكرة إصدار ترجمة إنجليزية لمعاني القرآن الكريم تراود فكر الدكتور حماد، حيث اهتم قبل العمل عليها بتحري الأمانة العلمية والدقة وأن تخرج الترجمة بلغة سليمة خالية من الغموض والإسفاف. وأضاف أنه شكل فريق عمل تحت إشرافه للتصدي لتلك المهمة الشاقة الجليلة، وخططوا لإصدار الترجمة في خمس سنوات، إلا أنها امتدت لـ 15 عامًا، حيث صدرت أول طبعة في الولايات المتحدة الأمريكية العام الماضي.

وأكد أن العمل لم ينتهي بصدور الطبعة المترجمة من القرآن الكريم، إذ أن اللغة الإنجليزية لغة ديناميكية، لذا فإن الجهد يجب أن يستمر حتى تظل معاني القرآن واضحة للأجيال القادمة من المتحدثين بالإنجليزية في العالم، مشيراً إلى أن التحدي يبقى في أن نجعل القرآن متاحًا لكل فرد وكل إنسان.


شارك

© مكتبة الإسكندرية