نظرًا لأهمية البردي في حضارة مصر القديمة٬ فكان يطلق عليها «حضارة البردي». فلولا البردي ما قامت الحضارة المصرية، لولاه ما صُنعِت قواربه والتي من خلالها يتم الانتقال من مكان إلى آخر، ولولاه ما صُنعِت أدواته واستخداماته اليومية، من صنادل وحبال وسلال وغيرها، ولولاه ما صُنِع عالمه الرمزي والديني. ومن هذه الرؤية يستضيف متحف الآثار ومتحف المخطوطات بمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المتحف المصري بالقاهرة احتفالية بعنوان «كشف أسرار البردي من المعنى إلى المغزى» باعتبارها مادة حضارية وثقافية خدمت العالم القديم بأسرة.
تتضمن هذه الاحتفالية العديد من الفاعليات؛ مثل سمنار في الرابع من إبريل ٢٠١٧ يلقي من خلاله الباحثون العديد من الأوراق البحثية التي تدور حول دور البردي منذ العصر الفرعوني حتى العصر اليوناني الروماني والمسيحي٬ وما يحمله من موضوعات دينية، واجتماعية، وسياسية أثرت الحضارة المصرية والهلنستية والرومانية على حدًّ سواء. ومصاحب لهذا السمنار ورشة عمل للأطفال عن كيفية صناعة البردي، بالإضافة إلى عرض بعض اﻷفلام الوثائقية عن صناعة البردي واستخداماته، وأهم البرديات في العالم القديم، والدلالة الرمزية للبردي في مصر القديمة.
سوف يصاحب ذلك أيضًا إقامة معرض داخل متحف الآثار ومتحف المخطوطات في الفترة من ٤ إبريل ٢٠١٧ إلى ٤ مايو ٢٠١٧ لمدة شهر. يتضمن المعرض عددًا من اللوحات التوضيحية التي تعكس دور البردي عبر الحضارات المختلفة التي مرت على مصر؛ حيث يحتضن متحف المخطوطات عددًا من اللوحات التي تبرز كيفية ترميم بردية بولاق٬ وهي تعد من أندر البرديات التي عثر عليها كاملة٬ ترجع للأسرة الحادية والعشرين من عصر الانتقال الثالث٬ بالإضافة إلى إلقاء الضوء على بردية وادي الجرف والتي عثرت عليها بعثة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية في وادي الجرف على ساحل البحر الأحمر في محافظة السويس. وترجع أهمية هذه البردية إلى كونها أقدم بردية عُثر عليها حتى الآن؛ إذ ترجع إلى الدولة القديمة، الأسرة الرابعة. لكن أهميتها الكبرى ترجع الى محتواها عن تفاصيل الحياة اليومية٬ والتي هي عبارة عن تقارير شهرية تسجل عدد العاملين بالميناء وكل ما يخص حياتهم، فضلاً عن نظام الجراية أو توزيع المؤن على الموظفين العاملين في مشروع الهرم اﻷكبر.
أما فيما يتعلق بمتحف الآثار فسوف يتم عرض العديد من البرديات التي تظهر لأول مرة للجمهور٬ بالإضافة إلى عدد من اللوحات الإرشادية التي توضح ما تحتويه تلك البرديات من كتابات تتعلق بالحياة الدينية واليومية والسياسية والأدبية للمجتمع المعاصر لتلك البرديات.
وفي إطار الدور المجتمعي للمكتبة سوف يتم على هامش هذه الاحتفالية تنظيم رحلة إلى محافظة الشرقية٬ وبالأخص مركز أبو كبير وقرية قراموس التي تتميز بزراعة وصناعة ورق البردي.